تقريباً كان من عشر سنين بالظبط .. 2008 .. كنت فتانية كلية فى الوقت ده .. و عرفت إن بكرة مباشرة .. د.أحمد زويل حيعمل لقاء فى الأوبرا فى إسكندرية “مسرح سيد درويش” ..

ماكانش فى أى شىء تانى فى الوقت ده ممكن يمنعنى من حضور اللقاء ده ..

..

إتخيل لو إنت مثلاً بتحب تلعب كورة و كل اللى يشوفك يقولك جدع .. مسيرك تبقى شبه فلان ” أبو تريكة مثلاً ” … و فجأة تعرف إن أبو تريكة ذاته جاى يعمل لقاء جنب بيتكم ..

..

نسيت أوضح إن اللقاء كان مجاناً للطلبة ..

..

كنت لسة ماشترتش أى بدلة خاصة بيا فى الوقت ده ! .. ماعتقدش إنى إحتجت إنى يكون عندى بدلة قبل الوقت ده أساساً .. و اللقاء كان بكرة و ماكانش فى وقت إن لسة أعمل شوبنج ..

2008 بالمناسبة كان الفيسبوك يعتبر لسة إختراع حديث جداً فمصر هنا .. و موضوع الإيفنتات و إنك تكون عارف عن الإيفنت قبلها بشهرين .. و الفيس يقعد يفكر فيك كل شوية ده ماكانش لسة موجود … فبالتالى .. كنت بتعرف عن الحاجات اللى زى دى صدف .. و بالإيميل .. على جروبات الياهوو .. أيام المنتديات !!! .

..

المهم ..

..

ضربت بدلة من بتوع والدى .. و الحمد لله إن مقاسى كان وصل xxxl فى الرجالى من أيام ما وصلت خامسة إبتدائى أساساً .. فطلعت مظبوطة عليا ..

و رحت تانى يوم الكلية .. لأول مرة فحياتى بالبدلة .. و إحساسى إنى النهاردة مش زى أى يوم تانى ..

أنا حاقابل زوييييييل ..

بعد المحاضرات ما خلصت .. طلعنا من الكلية أنا و واحد زميلى و ركبنا الترام لحد محطة الرمل .. و لأول مرة كنت أعرف أساساً مكان الأوبرا فإسكندرية أو أروحها ..

اللقاء كان معاده المفروض الساعة 5 ..

كنا قدام الأوبرا الساعة 5 إلا ربع بالظبط ..

و هناك .. لقيت ما شاء الله .. أمم .. عدد ضخم من الطلبة واقفين .. أغلبهم ضارب بدل أبوه .. و الباقى إما طنش موضوع الفورمال كود .. أو ماكنش يعرف .

و كلنا مستنيين ..

دخلنا الأوبرا الساعة 7 تقريباً .. و هنا إكتشفت إن الدخول للطلبة كان فعلاً مجانى .. بس بعد ما كل الناس التانيين .. اللى دافعين فلوس يدخلوا .. و يقعدوا ..

و الطلبة مسموحلهم بس يملوا الأماكن (لو كان فى أماكن فاضله ) .., و يقفوا فووووووق فآخر دور .. و يقفوا ..لازم يقفوا .. مش يقعدوا كمان .

المكان كان زحمة جداً .. و أنا داخل مكان عمرى ما شفته فحياتى قبل كده .. و خلال دقائق كنت تهت عن زميلى .. و بقيت مش عارف .. أروح فين أو أعمل إيه !!

و بدأت الإشاعات تطلع “كالمعتاد” .. و تسمع :

– لو دخلت تحت يالا حتعرف تقعد قدام المسرح

– ولا .. فى حريم أجانب يالا

– ولا .. الواد حاجز لنا تحت فى الفى آى بى .. إبن اللذينا أخوه شغال هنا

– ولا …

….

فوسط الزحمة و الدوشة دى .. كنت طلعت أنا بقوة الدفع مع باقى الجمهور من الطلبة لآخر دور .. بحيث إنك يادوب تقدر تبص على المسرح لو نطيت و سندت على كتاف اللى واقفين جنبك و زحت دماغ اللى قاعد على كتف زميله قدامك .

بالتأكيد ماكنتش حاستسلم للوضع ده … ده زويييييل ..

و الأوبرا كلها ضلمة كحل لسة ..

حاولت قدر الإمكان من الوضع الإستراتيجى اللى كنت فيه اللى يسمحلى أشوف مدرجات الأوبرا بالكامل .. إنى أدور على مكان فاضى ..

و سبحان الله .. لقيته !!!

مكان ممتااز جداً فمواجهة المسرح مباشرة فمقصورة لوحدها بين المقصورات التانية .. و ماحدش قاعد فيها ..

من الواضح إن ماحدش خد باله فوسط الضلمة إنها فاضية ..

جاهدت فوسط الزحمة لحد ما وصلت للسلالم مرة تانية .. و تحسست طريقى لحد ما قدرت إنى أفهم ليه المقصورة دى بالذات فاضية ..

عشان بابها الخارجى مقفول ..

حاجة زى كده ماكنتش حتمنعنى بالتأكيد ..

دخلت المقصورة اللى جنبها .. و اللى كانت مليانة ستات لابسين هدوم سواريه !!

و بكل جنتلة طالب أقاليمى لابس بدلة باباه ومتبهدل فمواصلات من الساعة 7 الصبح و بعدين 12 ساعة كلية و محاضرات و وقوف و إنتظار ..

عديت من وسطهم و لسان حالى يقول ” لمينك شوية يا حاجة .. حاسبى رجلك يا أختى .. بعد إذنك يا مودام ” .

لحد ما وصلت للحاجز بينهم و بين المقصورة اللى عليها العين .. و عديت ..

عديت إلى حيث الحلم ..

مقصورة كاملة فاضية فمواجهة المسرح مباشرة .. و كراسيها متنجدة تنجيد فاخر ما شاء الله ..

إخترت الكرسى اللى فى النص .. كان أكبرهم و أكثرهم راحة الأمانة .. و قعدت و حطيت رجل على رجل والله العظيم .. و سندت إيديا على إيدين الكرسى و ” إنجعصت كده ” .. و لسان حالى ” يالّا يا ولاد .. إبتدوا اللقاء بقى ” ..

خلال دقائق .. كان بدأ الناس تهدى .. و أعلنوا فى السماعات إن اللقاء حيبتدى خلال دقائق .. و بعدين دخل المذيع (كان مشهور فى التيليفزيون و الأخبار مش فاكر إسمه إيه ) و قدم زويل .. و بعدين نورت القاعة و الناس بدأت تصقف .. و فجأة النور طفى مرة واحدة .

و بعد ثوانى معدودة .. باب المقصورة إتفتح و لقيت تلات أشخاص واقفين فوق دماغى بيشدونى من البدلة اللى طابقها من أبويا و بيقولولى .. ” إنت إيه اللى مقعدك على كرسى الريس يا #%@%#@ ؟! “

بغض النظر عن الحوار الحضارى اللطيف اللى فهمونى فيه إنى كنت قاعد على كرسى الريس ” حسنى مبارك – فى الوقت ده ” .. و إنه الكرسى ده بيفضل دايماً فاضى إلا لو هو اللى حييجى يقعد عليه .. و إن الحمد لله إنهم لحقوا الموضوع و شافونى قبل ما الكاميرات تصورنى فى المكان ده ” على أساس إن حسنى كان حياخد على خاطره مثلاً !! ” .

..

و كملت باقى اللقاء فوووووووق .. فأقصى المسرح على الشمال ..

أتذكر إن اللقاء كان زى كل اللقاءات اللى من النوعية دى ” كنت لسة ماشفتش منهم كتير ” .. اللى بيحاول فيها الشخصية اللى بتتحط فمكان د . زويل ” مع إحترامى ليه طبعاً ” .. إنه يقدم كل اللى ينفع إن الكم الأكبر “الأغلبية” من الناس يفهموه .. فأقل وقت ممكن .. بأكثر شكل معتاد للناس دى ممكن .

حاشرح معنى كلامى ده خلال بضع سطور ..

..

فى الوقت ده كان النت بدأ يدخل العالم بتاعى بقوة ” أول مرة دخلت على النت فيها فحياتى كان 2005 .. أول إيميل عملته كان 2006 ” .

و خلال السنتين دول كنت لسة باتحسس طريقى فأكتر من مجال .. و كان اللى يشد إنتباهى شوية .. أروح وراه لحد ما حاجة تانية تشده .. “إنتباهى ..

..

فعلى سنة 2008 .. كنت قضيت كذا أسبوع باقرا على أنظمة الأسلحة الحديثة ” فى الوقت ده ” .. و إستخدامات الموجات الكهرومغناطيسية فى التسليح ..

و كنت وصلت لحاجة إسمها active denial system ( إقرا عنها أكتر لو حابب) .

و إستخدام الموجات ذات الترددات العالية فى التعذيب فى العراق عن طريق تسخين درجة حرارة المياة فى الإنسان تحت البشرة مباشرة خلال ثانيتين أو أقل …… و حاجات تانية كتير ..

لكنى .. “و دلوقتى باعترف بده ” .. كنت مازلت غير واعى للفرق الضخم بين إهتمامى بعلم معين .. و إهتمامى بإنى أظهر مهتم بعلم معين ..

..

فلما كات لحظة إن زويل يجاوب على أسئلة من الجمهور .. وزعوا علينا ورق صغنن نكتب عليه أسئلتنا ..و حيلموه مننا و يختاروا منه عشوائى الأسئلة اللى يسألوها ليه ..

..

فاكر إنى ” و رغبة منى فى إنى أظهر فاهم أكتر من القشور اللى كنت قريتها” .. كتبت سؤال عن الحاجات اللى ذكرتها فوق دول .. و فضلت منتظر .. منتظر إن اللحظة إياها اللى فى الفيلم .. اللى حيكتشف فيها زويل الطالب اللى سابق سنه .. و تعزف الموسيقى التصويرية بقى .. و هييييييه ..

ده ماحصلش طبعاً ..

تقريباً ورقتى ماوصلتش للمذيع أساساً ..” و غالباً لأن كل الأسئلة اللى إتسألها زويل كانت بالعربى .. و أنا حبيت أتنطط و كتبت سؤالى بإنجليزى ركيك و خط وحش .. إنهم رموا ورقتى أول ما شافوها ” .. فدى كانت نهاية الموضوع ده ..

..

بس اللى فعلاً أفادنى فى الموضوع ده .. هو إدراكى لمجموعة أفكار أثرت بشكل كبير جداً على حياتى فيما بعد :

1- هل أنا كنت عايز أسئل زويل عشان فعلاً عايز إجابة السؤال .. و لا بس كنت عايز أبان إنى فاهم و أضيع من وقته دقائق لمجرد إنى أحس إنى مهم لأنه وجه ليا جزء من إهتمامه ؟ .

2- لو أنا كنت عايز إجابة السؤال فعلاً .. هل زويل هو الشخص الوحيد اللى عنده الإجابة دى ؟ .

3- هل ده هو المكان الأمثل لشخص زى زويل إنه ينقل لك أى شىء ذا قيمة ؟ … يعنى هل هو هنا عشانك إنت لوحدك .. ولا اللقاء ده كان مجرد تابلوه ضخم مش الهدف منه إطلااااقاً تناقل اى معلومات ؟! .

4- المجهود و التعب اللى بذلتهم عشان أحضر اللقاء ده .. هل كان الدافع بتاعى إنى أستفيد معلومة ؟ .. ولا أشوف مكان جديد ؟ .. و لا أخوض تجربة جديدة ؟ … ولا إيه بالظبط ؟ .. مافيهومش غرض غلط .. بس الغلط هو إنى ماكنتش محدد غرضى أساساً إيه .

5- المفروض تتعامل إزاى مع ال ” idols ” بتوعك ؟!

ده هو السؤال الأهم اللى إستفدت بيه فوجهة نظرى ..

أيون زويل عمل حاجات رائعة و خد نوبل “فى الكيميا بالمناسبة ” .. و أكيد فادنى شخصياً بحاجات كتير ” كإنسان و كمصرى و كده يعنى … ” .. بس ده يحتم عليا إيه بالظبط فى المقابل ؟! .

هل ده يحتم عليا إنى أكون مجرد راس زيادة موجودة فصورة الجمهور اللى بيحضرله ؟

هل ده يحتم عليا إنى أصرخ أسمه بصوت عالى و أوشم صورته على صدرى مثلاً ؟!

..

لو أنا فعلاً كنت بأ “idolize ” زويل فى الوقت ده لأنه أفاد البشرية فأفادنى بشكل شخصى .. فأنا أفضل إنى أفيده فى المقابل عن طريق نفس الشىء .. بإنى أفيد البشرية بالطريقة اللى أقدر عليها ..

و نفس الشىء مع أى idol تانى ..

طالما هو عمل شىء معين عشان يفيدنى كإنسان .. إذن أكثر ما يمكننى تقديمه له فى المقابل هو قبول مجهوده ده بكرامة .. و محاولة إفادته كإنسان فى المقابل .. بدون ما يأله أحدنا الآخر ..

………………………………………….

و الله أعلم .