زى فى أى خناقة نضيفة بتحصل قدامى فى الشارع و أنا ماشى .. باحاول آحد مكان بعيد .. و أقف .. و أتفرج ..

معظم الوقت مش باتفرج عالخناقة .. بل باتفرج على اللى مالهومش أى علاقة بالخناقة إطلاقاً .. و فجأة بيدخلوا فى أعماقها .. و يبدأوا يدافعوا عن الطرفين بإستماتة فنفس ذات الوقت .. لدرجة إن فمعظم الأوقات الطرفين الأساسيين للخناقة بيبتدوا يهدوا فى اللى مالهومش أى علاقة دول .. و غالباً بيفشلوا .

..

فاكر من بتاع 6 سنين (2011) .. أيام ما كنت فأعماق الشغل فى البيوإنفورماتكس .. و تلافيف عقلى متشبعة بمعلومات عن الأبحاث فى الجينات و عوالمها .. حصلت حاجة برضو ليها علاقة بالمثليين و القصة دى .. و الفيسبوك لأول مرة يعمل خاصية إنك تلون الصورة بتاعتك بألوان قوس القزح ..

و كانت ليلة كبيرة و ناس كتير دخلت الخناقة و بدأت تضرب و تنضرب لمين و شمال ..

و للأسف .. أنا كنت منهم .. (اللى دخلوا خناقة مالهومش دعوة بيها .. ماتفهمش غلط ) ..

لقيت بنت فى الأصدقاء (اللى كانوا كلهم بتاع 60 واحد تقريباً أيامها) .. كاتبة بوست بتواسى فيه مشاعر المثليين .. فدخلت أستفسر .. لو كانت بتواسى عشان مشاعرها مضايقة إننا بنأذى مشاعرهم .. ولا لأنها فعلاً مقتنعة بقضيتهم ؟!

طلعت مقتنعة بقضيتهم ..

فبدأ الساعة 3 الفجر حوار لطيف فى الكومنتات ..

جادلتها بالمنطق فجادلتنى بالعاطفة

فجادلتها بالعلم .. فجادلتنى بالعاطفة

فجادلتها بالدين .. فجادلتى بالعاطفة

فجادلتها بالعاطفة .. فأحفمتنى بالبلوك المتين .

..

سألت نفسى بعدها .. هى قرأت أى شىء من الهرى اللى فضلت أهريه فكومنتات ولا كأنى بناقش رسالة دكتوراة ؟ .. ولا كانت بتشوف بس أنا سلمت الراية ولا لا .. و بناءاً عليه تقرر تكتب إيه ؟!

..

من يومها تقريباً مادخلتش فجدالات فى الموضوع ده مرة تانية .. لكن فضلت فاكر الموقف ده .. و عمرى ما حنساه ..

..

و مع كل زوبعة مؤقتة بتحصل فى السوشيال ميديا ( من ثورة لثورة .. و تريند لتريند ) .. كنت باقف بعيد .. و أراقب .. و بعدين لاحظت شىء معين أكيد فى كتير أعلم منى و أفضل منى إتكلموا عنه قبل كده .. بس برضو حاتكلم عنه دلوقتى .. ألا و هو :

الأتنشن .. يعنى الإنتباه .

مصطلح الأتنشن سبان attention span أو مدى الإنتباه .. معناه إنت عندك الإستطاعة إنك تتابع مع اللى قدامك فحوار معين قد إيه قبل ما تسرح و تفصل و تنسى مين اللى بيكلمك أساساً ..

و ده شىء أساسى لأى حد بيحاول يعمل أى حاجة فأى حاجة ..

يعنى عشان تتعلم أى شىء .. لازم فترة إنتباهك تبقى كبيرة ولامؤاخذة إنك تسمع كم معين من المعلومات و تربطه ببعضه عشان تكون وجهة نظر معينة .

..

و لكن ..

فى شىء مشهور إسمه (تشتت الإنتباه ) .. و خصوصاً لما بيقرن ب ( فرط الحركة ) .. بيحول الأطفال الصغيرين لشياطين غير قابلين أو قادرين على تعلم أى شىء إطلاقاً ..

اللى هو ADHD = Attention Deficit Hyperactivity Disorder

..

و موجود كمان فى الكبار .. و فى ناس مشهورين مصابين بالمتلازمة دى ..

..

اللى عندهم المتلازمة دى لازم يتم تعليمهم و التدريس ليهم بشكل خااااص جداً .. لأنهم مابيقدروش يكملوا باراجراف 6 سطور على بعض .. أو يسمعوا حد بيتكلم لمدة 5 دقايق .. من غير ما يتشتت إنتباههم لأى شىء تانى أو يقوموا من مكانهم و يتنططوا فأى حتة تانية .

..

و الإنتباه نفسه عامل زى أى عضلة موجودة فجسمك ..

يعنى إنت ممكن تكون إنسان عادى خالص .. لكن نتيجة لنمط حياة معين إنت عايشة .. يا تبقى إنسان طوييييييل الإنتباه …ولامؤاخذة .. أو قصييييير الإنتباه .. ولامؤاخذة برضو .

..

..

السوشيال ميديا و ثقافة ما بعد التويتر (140 حرف بس !! ) .. دربت عقول ناس كتييييير على إن إنتباهها يكون (140 حرف ) بس .. اللى هو لما يلاقى بوست طويل من النوعية دى .. يقلببببب مباشرة ..

و مش دى المشكلة ..

المصيبة هو إنه بيكون ثقافته من معلومات كلها لم تتخطى ال 140 حرف ..

و بيكون وهم الثقافة .. اللى هو أخطر من الجهل . .

أو فى مسميات أخرى : عقلية ضحلة .

و بالتدريب و التدريج .. بيتحول لإنسان عشان تجادله .. محتاج تقدم له معلومة فأقل من 140 حرف .. بس ..

و للأسف هنا .. إن أسهل اللى ممكن يتقدم ف 140 حرف بس .. هو الوهم .. وهم المعرفة أو وهم الحقيقة ..

يعنى أسهل ما يكون .. إنك تتهم شخص فأقل من 140 حرف ..

( فلان قتل فلان ) = 13 حرف

( فلان إغتصب فلان .. أو فلانة 🙂 ) = 30 حرف

لكن :

حاول بقى تدافع عن المتهم ده .. ف 140 حرف بس !!! …. مستحيل صح ؟

..

إتخيل بقى لو كتبت مرافعة عصماء عن المتهم .. لكن القاضى بعد 140 حرف بس .. عمل سكرول داون و قلبك …. و إلبس إعدام يا برنس .

….

اللى شايفه .. إن ده أصبح جزء كبير من العالم الحالى .. أغلبية ليها القرار فتكوين الرأى العام .. لكن الجزء الأكبر منها .. مابيقراش أكتر من 140 حرف .. بس ..

إكتب بقى و إهرى براحتك عن حقايق و علوم و أبحاث و ….

لكن فى الآخر ..

الراجل مايعيبوش غير الأتنشن سبان بتاعته قد إيه ..

والله أعلم