(1) بقالى بتاع أكتر من أسبوعين ماكتبتش حاجة .. ماعتقدش إن السبب عدم وجود الأفكار .. أو إن الأحداث اللى باتطلع عليها مش بتسبب ليا إنفعال يدعونى للكتابة ..

بس الصراحة هى إنى بامر بحالة معينة .. مش أول مرة أمر بيها .. و ماعتقدش إنها آخر مرة ..

بيحضرنى عدد “ضخم” من التشبيهات الأبيحة اللى ممكن أستخدمها للتعبير عن الحالة دى .. بس خلينى مؤدب و أسميها .. حالة سقوط حر .

(2) إتخيل لو جبنا 4 مساطر 20 سم .. و وقفناهم جنب بعض .. و طلعت كل مسطرة مختلفة عن التانية فى الطول … إذن الإستنتاج المنطقى هو إن :

برافو .. المستوى (الترابيزة يعنى ) اللى موقفين عليها المساطر دى .. لامؤاخذة فيها منحنيات ..

فى الحالة دى بيتقال باللغة الإنجليزية العلمية الفصحى ..

Crooked frame of reference .

أو إن المرجعية اللى بنقيس منها .. لامؤاخذة ملعوب فأساساتها ..

….

(3) معظم آرائى و أفكارى بتبتدى دايماً من فريم أوف ريفيرانس ثابت ..

بمعنى :

لما باشوف حد شكله بلطجى بيثبت حد شكله محترم فى الشارع و بياخد فلوسه و موبايله و يطلع يجرى .. فى المعتاد الطبيعى إنى أحس إن أوك .. السارق غلطان و المسروق يستدعى المساعدة ..

و لكن …

فجأة أصبح مع السارق الإمكانية إنه يبرر سرقته لحظة ما بيسرق .. مثلاً يقول :

– الأستاذ ده كان سارقنى إمبارح و دلوقتى أنا باخد حقى منه .. أو ..

– الأستاذ ده هو البلطجى و سارق هدومى و مدعى إنه أنا .. أو .. أى سبب تانى يخليك فجأة تقتنع إن المفروض إن الأستاذ ده يتسرق بل و ينضرب كمان ..

..

اللى حصل فى المثال السابق هو إنك إبتديت تلاحظ موقف معين بمرجعية معينة .. و بعدين إتلعب ولامؤاخذة فمرجعيتك .. فشفت الموقف بلون مختلف .

(4) كان فى مثال ضخم واضح أوى على نفس المبدأ ده فى الإنتخابات الأمريكية السابقة مباشرة .. و بيحصل مشكلة عليها فكل إنتخابات أمريكية .. و الموضوع ده أسمه electoral college .. أو الجمعية المنتخبة (بكسر الخاء) .. و معاها حاجة إسمها Gerrymandering .. و ترجمة ده هى الجيريماندرنج .. زى ما هى كدة ..

و دى ببساطة إن شوية ناس صغننين (الشعب مانتخبهمش ) .. يقسموا حدود الكتل الإنتخابية فى الولايات الأمريكية بحيث إن الأقلية تبان أغلبية و تكسب … فهمت حاجة ؟

..

أبسطهالك ..

..

إتخيل إننا حنعمل إنتخابات فبلدك السبع محافظات بس ( إتخيل بس   ) .. و إننا عايزين نطلع من سبع محافظات مثلاً سبع محافظين منتخبين ( إتخيل ) .. و أنا اللى حارسم الحدود بين المحافظات دى ..

بلدك فيها مثلاً 40% ناس بتلبس أزرق .. و 60% ناس بتلبس أحمر ..

فأنا أقدر إنى ألم ال40% زرق دول فمحافظة واحدة و أطلع منهم واحد بيلبس أزرق زيهم منتخب بالنيابة عنهم …

أو إنى أقسمهم (برسم الحدود بين المحافظات) بين المحافظات كلها .. و أخلى منهم عدد قليل فكل محافظة .. فيكون النتيجة إن السبعة اللى حيتم إنتخابهم يبقوا حمر بس ..

أو ممكن كمان أقسمهم بشكل مختلف و أطلعهم هما الأغلبية ..

…..

….

(5) على قد ما إنت تحس إن الكلام اللى فات ده سياسة ممل .. على قد ما هو بيتكرر كل يوم فعمق حياتك ذاتها ..

ألا قول ليا كده .. إنت بتعمل إيه فحياتك .. و ليه ؟!

بالظبط كدة ..

فكرة سعى الإنسان اليومى .. و هل هو بيسعى للسعادة .. و لا للبناء .. و البناء لمين بالظبط ؟

يعنى :

إنت بتتفحت شغل كل يوم .. و يطلع عين أهلك .. عشان إنت النهاردة تعيش سعيد ؟.. ولا عشان إنت بتاع بكرة تعيش سعيد ؟..

هو فى فرق ؟

طبعاً ..

أصلك لو بتشتغل عشان إنت بتاع النهاردة تعيش سعيد .. فبالتالى يبقى بطل شغل لما تجيب اللى يكفيك النهاردة ..

أما لو بتشتغل عشان بكرة .. يبقى فكر فى إيه اللى يأمنك لبكرة و إسعى لتحقيقه .. و بعده و بعده .. و هكذا ..

لكن عشان إحنا المرجعية بتاعتنا فقياس إيه الكفاية و إيه الأمان .. بتكون النتيجة إنك نفسك بتبطل تسأل نفسك السؤال ده .. سؤال (هو أنا فعلاً المفروض إنى أشتغل النهاردة و أعيش بكرة .. ولا العكس ؟ )

(6) ناس كتير بتدعى إن (من ده و من ده ) .. أو فى مقولة أخرى ( ياختشى كده ينفع و كده ينفع ) .. إلا إن ده فحد ذاته بيكون مجرد تكملة لحالة السقوط الحر اللى كنت باتكلم عنها فوق .. فوق أوى .

….

(7) حالياً باقرا كتاب إسمه the innovator’s dilemma .. كتاب رائع بيتكلم عن الصناعات الثورية (زى الموبايل بالنسبة للكمبيوتر .. او الإنترنت بالنسبة للفيديو كاسيت .. أو كده ) .. و إزاى إن الشركات الضخمة فى مجالاتها من الصعب جداً إنها كانت تتوقع بل و تخترق مجالات الصناعات الثورية دى ..

الموضوع counter intuitive بشكل كبير .. بس بمجرد تعمقك شوية فى الكتاب بتكتشف إن فعلاً الموضوع بيرحع لنفس السؤال .. فين المرجعية ..

الشركة الناشئة اللى ميزانيتها 4 مليون دولار فى مجال معين مثلاً .. بتسعى لنجاح و مكسب 8 مليون دولار .. و ساعتها الشركة بأكملها بتتحزم و ترقص عشرة بلدى ..

بس عشان تنجح نفس النجاح لما توصل لميزانية 400 مليون دولار .. السوق حيحتاج يستوعبها و يديلها عائد 800 مليون دولار .. و ده مش دايماً متاح ..

..

يعنى :

..

محل الفول اللى فمنطقتك اللى ميزانيته 10000 جنيه مثلاً .. حلمه فى النجاح هو أرباح 20000 جنيه … بس لما يوصل للنجاح ده .. فيتوسع و يجيب موظفين زيادة .. فتبقى ميزانيته 20000 .. ساعتها حيحتاج أرباح 40000 عشان يحس بنفس النجاح ..

بس منطقتك عند مرحلة معينة حتتشبع فول … و مش حتطلب زيادة ..

السؤال هنا .. إمتى توقف صاحب المحل ده عن الإستمتاع بالعائد الربحى .. و بدأ يدور على التوسع ؟ … لما إتلعب فمرجعية إحساسه بالسعادة و الإنجاز .

(8) الموضوع ليه تطبيقات أكتر من مجرد الأمثلة البسيطة دى ..

بس هو أعمق من حتى مجرد تفكيرى فيه والله أعلم .. و لكن حارجع و أقول عرفت منين إنه بالعمق ده و قيست ده من فين لفين ولا مؤاخذة ؟ّ!

..

والله أعلم .